من منظور وكالة تسويقية نُدرك تمامًا حالة الاستنفار التي تُصيب الأسواق وقنوات البث في رمضان، يُجن جنونها بشكل جماعي لتكون حاضرة وتحصل على قطعتها من كعكة المستهلكين التي تُوزع بأسرع ما يُمكن جرّاء الاستعداد المسبق للصرف والاستهلاك، حتى أن المائدة العائلية يتغير شكلها منذ اليوم من رمضان ولأسباب تتعلق بالحماس قد تتغير قبل ١ رمضان ! فمتى أصبح (كولا يجمعنا؟) ومتى تعشق جلكسي المشاركة؟. في حين تزيد ساعات الإمساك عن الطعام في رمضان تزداد الإعلانات عن مختلف المغريات من الأطعمة وكأنها في سباق لتحوز على اهتمامنا أكثر من قبل!
ليس إعلانات شركات الأغذية وحدها التي تبذل قصارى جهدها للحصول على انتباه المستهلكين بل أيضًا كل الشركات الأخرى، ومع ذلك تحتل شركات الكماليات مكانة عالية، مثل شركات الأقمشة والملابس والعطور وغيرها، لتهيئة المستهلك لاتخاذ قرارات الشراء فيما يخص استعدادات العيد.
أضواء وساحات مُزينة! حتمًا ليس الخليج العربي هو الذي كان يزين (السكيك) والحارات قبل سنوات معدودة، فهي عادات قادمة من الشام ومصر لا نعرف بالتحديد متى بدأت، ولكنها أصبحت إضافة جديدة لقائمة الأعمال والعادات والميزانيات.
إن استعداد المستهلكين العرب والخليج بشكل كبير لاستهلاك المزيد من الأموال خلال مواسم الصوم والأعياد سبب أساسي يجعل الشركات تستبيح وضع ميزانياتها الضخمة للتذكير بوجودها ومكانتها على أرفف الخيارات، وهُنا نذكركم بالمقولة الشهيرة "التسويق ليس تأكيد الأسباب لشراء منتج ما، بل هو عن بناء الحاجة له.” !
نحنُ لسنا أعداء الجمال، واللذة، والاستهلاك حين نتحدث عن موضوع كهذا رغم أننا وكالة تسويق! ولكن نبادر بتذكير قراءنا الأعزاء بأن كفة التوازن والوسطية مطلوبة دومًا ليس من أجل المجتمع والإنسانية وحدها ولكن من أجل بناء أسواق واقتصادات عادلة أيضًا.
حلاوة رمضان الحقيقية ونوره الآتي في أيام معدودة هي صوم عن كل ما هو مؤذٍ للجسد والروح، مقرونٌ بالاعتكاف أكثر من الاختلاط، وعلى عكس ما يظن البعض أن نجاح الأشياء يرتبط بالتأكيدات المادية الخارجية، فإن صلاح أي أمر يبدأ من الجوهر.
رمضان مُبارك للجميع